-A +A
عبده خال
زف المغردون خطيبا لأحد المساجد بالتعليقات التي لا تخلو من جميع أنواع الاستهجان حينما أنشأوا وسما عن استنكاره (بيع شاي الجمرة) وحمل على الباعة هجوما يبدو للوهلة الأولى أنه مركز إلا أن المقطع المبثوث يجعل السامع في حالة دهشة من تلك الخطبة (خطبة جمعة) إذ تستشعر أن بيع (شاي الجمرة) وصل خطره على البلاد والعباد بما يوازي خطر وصول صاروخ يحمل رؤوسا نووية يهدد أمننا الوطني..

فبعد مقدمة عصماء عن انتشار مواقع انطلاق صاروخ (شاي الجمرة) ذي الاسم غير الحميد مستنكرا وجوده في الأحياء والمنتزهات والملاعب، يتساءل الخطيب (لا فض فوه) عن من هو المسؤول عن هذا الانتشار وأن انتشار شاهي الجمرة يعد مسؤولية عظيمة (نعم هكذا قال: مسؤولية عظيمة) بمعنى أن هناك مسؤولية جسيمة أهملها المسؤولون ويجب أن تنهض كل مؤسسات الدولة لردع هذا الخطر الداهم من (شاهي) الجمرة الخبيثة.!


وبهذا الخطبة المعلقة في الهواء كانت تعليقات المغردين لا تخلو من التهكم الصارخ وإن كنت أحمل خطبة الخطيب على مرجعية ما تم تفشيه بين الناس بأن الشاي المعد -على الجمر - في مناسبات زواج الأحياء الشعبية يتم (تلغيم) البراد بحبوب مخدرة حتى إذا سرى الليل سرت معه رؤوس المدعوين إلا أن الخطيب جعل الأمر يبدو مضحكا عندما لم يوضح مقاصده بلمحة عما يشاع بين الناس عن الشاي المعد على الجمر وهكذا يستقيم فهم ومقصد الخطبة، أما ما بث في فيديو قصير فهو أدعى لتبادل النكات والسخرية من موضوع ثانوي جدا في حياة تكتظ بمئات المشكلات الاجتماعية ذات التأثير المباشر على حياة المواطنين.

وحملت جل التعليقات على عدم جدية ما يقال في بعض الخطب وافتقارها للموضوعات الجيدة التي تمس حياة الناس بدءا من عدم مناقشة هموم الناس، مرورا بالغش التجاري بجميع أنواعه، وتفشي الأغذية الفاسدة في المطاعم والأسواق وكذلك ارتفاع الأسعار والتطفيف وأخذ حقوق الناس.. عشرات المواضيع التي يمكن للخطيب التوقف عندها.. لكن استنكار انتشار شاهي الجمرة فهو موضوع يؤكد أن هناك من يصعد للمنبر والعقل كخلاء متسع الجدب.